القصة الأولى " سبب اسلام سواد بن قارب وعمر ابن الخطاب "
قال الحافظ أبو يعلى الموصلي حدثنا يحيى بن حجر بن النعمان الشامي حدثنا علي بن منصور الأنباري عن محمد بن عبدالرحمن الوقاصي عن محمد بن كعب القرظي قال بينما عمر بن الخطاب رضي الله عنه ذات يوم جالس إذ مر به رجل فقيل يا أمير المؤمنين أتعرف هذا المار قال ومن هذا قالوا هذا سواد بن قارب الذي أتاه رئيه بظهور رسول الله صلى الله عليه وسلم قال فأرسل إليه عمر فقال له أنت سواد بن قارب قال نعم قال فأنت على ما كنت عليه من كهانتك قال فغضب وقال ما استقبلني بهذا أحد منذ أسلمت يا أمير المؤمنين فقال عمر يا سبحان الله ما كنا عليه من الشرك أعظم مما كنت عليه من كهانتك فأخبرني ما أنبأك رئيك بظهور رسول الله صلى الله عليه وسلم قال نعم يا أمير المؤمنين بينما أنا ذات ليلة بين النائم واليقظان إذ أتاني رئي فضربني برجله وقال قم يا سواد بن قارب واسمع مقالتي واعقل إن كنت تعقل إنه قد بعث رسول من لؤي بن غالب يدعو إلى الله وإلى عبادته ثم أنشأ يقول
عجبت للجن وتطلابها * وشدها العيس بأقتابها
تهوي إلى مكة تبغي الهدى * ما صادق الجن ككذابها
فارحل إلى الصفوة من هاشم * ليس قداماها كأذنابها
قال قلت دعني أنام فأني أمسيت ناعسا قال فلما كانت الليلة الثانية أتاني فضربني برجله وقال قم يا سواد بن قارب واسمع مقالتي واعقل إن كنت تعقل إنه بعث رسول من لؤي بن غالب يدعو إلى الله وإلى عبادته ثم أنشأ يقول:
عجبت للجن وتحيارها * وشدها العيس بأكوارها
تهوي إلى مكة تبغي الهدى * ما مؤمنو الجن ككفارها
فارحل إلى الصفوة من هاشم * بين روابيها وأحجارها
قال قلت دعني أنام فإني أمسيت ناعسا فلما كانت الليلة الثالثة أتاني فضربني برجله وقال قم يا سواد بن قارب فاسمع مقالتي واعقل إن كنت تعقل إنه قد بعث رسول من لؤي بن غالب يدعو إلى الله وإلى عبادته ثم أنشأ يقول
عجبت للجن وتحساسها * وشدها العيس بأحلاسها
تهوي إلى مكة تبغي الهدى * ما خير الجن كأنجاسها
فارحل إلى الصفوة من هاشم * وآسم بعينيك إلى راسها
قال فقمت وقلت قد امتحن الله قلبي فرحلت ناقتي ثم أتيت المدينة يعني مكة فإذا رسول الله صلى الله عليه وسلم في أصحابه فدنوت فقلت اسمع مقالتي يا رسول الله قال هات فأنشأت
أتاني نجيي بعد هدء ورقدة * ولم يك فيما قد تلوت بكاذب
ثلاث ليال قوله كل ليلة * أتاك رسول من لؤي بن غالب
فشمرت عن ذيلي الأزار ووسطت * بي الدعلب الوجناء غبر السباسب
فأشهد أن الله لا شيء غيره * وأنك مأمون على كل غالب
وأنك أدنى المرسلين وسيلة * إلى الله يا ابن الأكرمين الأطايب
فمرنا بما يأتيك يا خير من مشى * وإن كان فيما جاء شيب الذوائب
وكن لي شفيعا يوم لا ذو شفاعة * سواك بمغن عن سواد بن قارب
قال ففرح رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه بمقالتي فرحا شديدا حتى رؤى الفرح في وجوههم قال فوثب إليه عمر بن الخطاب فالتزمه وقال قد كنت أشتهي أن أسمع هذا الحديث منك فهل يأتيك رئيك اليوم قال أما منذ قرأت القرآن فلا ونعم العوض كتاب الله من الجن ثم قال عمر كنا يوما في حي من قريش يقال لهم آل ذريح وقد ذبحوا عجلا لهم والجزار يعالجه إذ سمعنا صوتا من جوف العجل ولا نرى شيئا قال يا آل ذريح أمر نجيح صائح يصيح بلسان فصيح يشهد أن لاإله إلا الله وهذا منقطع من هذا الوجه ويشهد له رواية البخاري وقد تساعدوا على أن السامع الصوت من العجل هو عمر بن الخطاب والله أعلم .
وفي رواية عن عمر رضي الله عنه قال: كنت جالسا مع أبي جهل وشيبة ابن ربيعة، فقال أبو جهل: يا معشر قريش! إن محمدا قد شتم آلهتكم وسفه أحلامكم وزعم أن من مضى من آبائكم يتهافتون في النار، ألا! ومن قتل محمدا فله علي مائة ناقة حمراء وسوداء وألف أوقية من فضة! فخرجت متقلدا السيف متنكبا كنانتي أريد النبي صلى الله عليه وسلم، فمررت على عجل يذبحونه فقمت أنظر إليهم، فإذا صائح يصيح، من جوف العجل يا آل ذريح أمر نجيح رجل يصيح بلسان فصيح، يدعو إلى شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله، فعلمت أنه أرادني، ثم مررت بغنم فإذا هاتف يهتف يقول:
يا أيها الناس ذوو الأجسام* ما أنتم وطائش الأحلام
ومسندوا الحكم إلى الأصنام* فكلكم أراه كالأنعام
أما ترون ما أرى أمامي*من ساطع يجلو دجى الظلام
قد لاح للناظر من تهام* أكرم به لله من إمام
قد جاء بعد الكفر بالإسلام* والبر والصلات للأرحام
فقلت: والله ما أراه إلا أرادني، ثم مررت بالضمار (بالضمار: ضمار: صنم عبده العباس بن مرداس السلمي ورهطه) فإذا هاتف من جوفه:
ترك الضمار وكان يعبد وحده* بعد الصلاة مع النبي محمد
إن الذي ورث النبوة والهدى* بعد ابن مريم من قريش مهتد
سيقول من عبد الضمار ومثله* ليت الضمار ومثله لم يعبد
فاصبر أبا حفص فإنك آمن* يأتيك عز غير عز بني عدي
لا تعجلن فأنت ناصر دينه* حقا يقينا باللسان وباليد
فوالله لقد علمت أنه أرادني! فجئت حتى دخلت على أختي فإذا خباب ابن الأرت عندها وزوجها! فقال خباب: ويحك يا عمر! أسلم، فدعوت بالماء فتوضأت ثم خرجت إلى النبي صلى الله عليه وسلم، فقال لي: قد استجيب لي فيك يا عمر! أسلم، فأسلمت وكنت رابع أربعين رجلا ممن أسلم، ونزلت (ياأيها النبي حسبك الله ومن تبعك من المؤمنين).
القصة الثانية " سبب إسلام مازن بن العضوب "
وقال أبو نعيم في كتاب دلائل النبوة حدثنا عبدالله بن محمد بن جعفر حدثنا عبدالرحمن بن الحسن علي بن حرب حدثنا أبو المنذر هشام بن محمد بن السائب عن أبيه عن عبدالله العماني قال كان منا رجل يقال له مازن بن العضوب يسدن صنما بقرية يقال لها سمايا من عمان وكانت تعظمه بنو الصامت وبنو حطامة ومهرة وهم أخوال مازن أمه زينب بنت عبدالله بن ربيعة بن خويص أحد بني نمران قال مازن فعترنا يوما عند الصنم عتيرة وهي الذبيحة فسمعت صوتا من الصنم يقول يا مازن اسمع تسر ظهر خير وبطن شر بعث نبي من مضر بدين الله الأكبر فدع نحيتا من حجر تسلم من حر سقر قال ففزعت لذلك فزعا شديدا ثم عترنا بعد أيام عتيرة أخرى فسمعت صوتا من الصنم يقول أقبل إلي أقبل تسمع ما لا تجهل هذا نبي مرسل جاء بحق منزل فآمن به كي تعدل عن حر نار تشعل وقودها الجندل قال مازن فقلت إن هذا لعجب وإن هذا لخير يراد بي وقدم علينا رجل من الحجاز فقلت ما الخبر وراءك فقال ظهر رجل يقال له أحمد يقول لمن أتاه أجيبوا داعي الله فقلت هذا نبأ ما سمعت فثرت إلى الصنم فكسرته جذاذا وركبت راحلتي حتى قدمت على رسول الله صلى الله عليه وسلم فشرح الله صدري للإسلام فأسلمت وقلت:
كسرت باجرا أجذاذا وكان لنا * ربا نطيف به ضلا بتضلا
فالهاشمي هدانا من ضلالتنا * ولم يكن دينه مني على بال
يا راكبا بلغن عمرا وأخوتها * إني لمن قال ربي باجر قالي
يعني يعمرو الصامت واخوتها حطامة فقلت يا رسول الله إني امرؤ مولع بالطرب وباللهو مع النساء وشرب الخمر وألحت علينا السنون فاذهبن الأموال واهزلن السراري وليس لي ولد فادع الله أن يذهب عني ما أجد ويأتينا بالحيا ويهب لي ولدا فقال النبي صلى الله عليه وسلم اللهم أبدله بالطرب قراءة القرآن وبالحرام الحلال وبالإثم وبالعهر عفة وآته بالحيا وهب له ولدا قال فاذهب الله عني ما أجد واخصبت عمان وتزوجت أربع حرائر وحفظت شطر القرآن ووهب لي حيان بن مازن وأنشأ يقول:
إليك رسول الله خبت مطيتي * تجوب الفيافي من عمان إلى العرج
لتشفع لي يا خير من وطىء الحصى * فيغفر لي ربي فأرجع بالفلج
إلى معشر خالفت في الله دينهم * فلا رأيهم رأيي ولا شرجهم شرجي
وكنت امرءا بالخمر والعهر مولعا * شبابي حتى آذن الجسم بالنهج
فبدلني بالخمر خوفا وخشية * وبالعهر إحصانا فحصن لي فرجي
فأصبحت همي في الجهاد ونيتي * فلله ما صومي ولله ما حجي
قال فلما أتيت قومي أنبوني وشتموني وأمروا شاعرا لهم فهجاني فقلت إن رددت عليه فإنما أهجو نفسي فرحلت عنهم فأتتني منهم زلفة عظيمة وكنت القيم بأمورهم فقالوا يا ابن عم عبنا عليك أمرا وكرهنا ذلك فإن أبيت ذلك فارجع وقم بأمورنا وشأنك وما تدين فرجعت معهم وقلت :
لبغضكم عندنا مر مذاقته * وبغضنا عندكم يا قومنا لبن
لا يفطن الدهر إن بثت معائبكم * وكلكم حين يثني عيبنا فطن
شاعرنا مفحم عنكم وشاعركم * في حدبنا مبلغ في شتمنا لسن
ما في القلوب عليكم فاعلموا وغر * وفي قلوبكم البغضاء والإحن
قال مازن فهداهم الله بعد إلى الاسلام جميعا
القصة الثالثة" حرم الزنا ومنع منا القرار"
وروى الحافظ أبو نعيم من حديث عبدالله بن محمد بن عقيل عن جابر بن عبدالله قال إن أول خبر كان بالمدينة بمبعث رسول الله صلى الله عليه وسلم أن امرأة بالمدينة كان لها تابع من الجن فجاء في صورة طائر أبيض فوقع على حائط لهم فقالت له لم لا تنزل إلينا فتحدثنا ونحدثك وتخبرنا ونخبرك فقال لها إنه قد بعث نبي بمكة حرم الزنا ومنع منا القرار .
وقال الواقدي حدثني عبدالرحمن بن عبدالعزيز عن الزهري عن علي بن الحسين قال إن أول خبر قدم المدينة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ان امرأة تدعى فاطمة كان لها تابع فجاءها ذات يوم فقام على الجدار فقالت ألا تنزل فقال لا إنه قد بعث الرسول الذي حرم الزنا .
وأرسله بعض التابعين أيضا وسماه بابن لوذان وذكر أنه كان قد غاب عنها مدة ثم لما قدم عاتبته فقال إني جئت الرسول فسمعته يحرم الزنا فعليك السلام .
وقال الواقدي حدثني محمد بن صالح عن عاصم بن عمر بن قتادة قال قال عثمان بن عفان
خرجنا في عسير إلى الشام قبل أن يبعث رسول الله صلى الله عليه وسلم فلما كنا بأفواه الشام وبها كاهنة فتعرضتنا فقالت أتاني صاحبي فوقف على بابي فقلت ألا تدخل فقال لا سبيل إلى ذلك خرج أحمد وجاء أمر لا يطاق ثم انصرفت فرجعت إلى مكة فوجدت رسول الله صلى الله عليه وسلم قد خرج بمكة يدعو إلى الله عز وجل.
و قال الواقدي حدثني محمد بن عبدالله الزهري قال كان الوحي يسمع فلما كان الإسلام منعوا وكانت امرأة من بني أسد يقال لها سعيرة لها تابع من الجن فلما رأى الوحي لا يستطاع أتاها فدخل في صدرها فضج في صدرها فذهب عقلها فجعل يقول من صدرها وضع العناق ومنع الرفاق وجاء أمر لا يطاق وأحمد حرم الزنا .
القصة الرابعة " غلام من الجن "
وقال الحافظ أبو بكر الخرائطي حدثنا عبدالله بن محمد البلوي بمصر حدثنا عمارة بن زيد حدثنا عيسى بن يزيد عن صالح بن كيسان عمن حدثه عن مرداس بن قيس السدوسي قال حضرت النبي صلى الله عليه وسلم وقد ذكرت عنده الكهانة وما كان من تغييرها عند مخرجه فقلت يا رسول الله قد كان عندنا في ذلك شيء أخبرك أن جارية منا يقال لها الخلصة لم يعلم عليها إلا خيرا إذا جاءتنا فقالت يا معشر دوس العجب العجب لما أصابني هل علمتم إلا خيرا قلنا وما ذاك قالت إني لفي غنمي إذ غشيتني ظلمة ووجدت كحس الرجل مع المرأة فقد خشيت أن أكون قد حبلت حتى إذا دنت ولادتها وضعت غلاما أغضف له أذنان كأذني الكلب فمكث فينا حتى أنه ليلعب مع الغلمان إذ وثب وثبة وألقى إزاره وصاح بأعلى صوته وجعل يقول يا ويلة يا ويلة يا عولة يا عولة يا ويل غنم يا ويل فهم من قابس النار الخيل والله وراء العقبة فيهن فتيان حسان نجبة قال فركبنا وأخذنا للأداة وقلنا يا ويلك ما ترى فقال هل من جارية طامث فقلنا ومن لنا بها فقال شيخ منا هي والله عندي عفيفة الأم فقلنا فعجلها فأتى بالجارية وطلع الجبل وقال للجارية اطرحي ثوبك واخرجي في وجوههم وقال للقوم اتبعوا أثرها وقال لرجل منا يقال له أحمد بن حابس يا أحمد بن حابس عليك أول فارس فحمل أحمد فطعن أول فارس فصرعه وانهزموا فغنمناهم قال فابتنينا عليهم بيتا وسميناه ذا الخلصة وكان لا يقول لنا شيئا إلا كان كما يقول حتى إذا كان مبعثك يا رسول الله قال لنا يوما يا معشر دوس نزلت بنوا الحارث بن كعب فركبنا فقال لنا أكدسوا الخيل كدسا أحشوا القوم رمسا أنفوهم غدية واشربوا الخمر عشية قال فلقيناهم فهزمونا وغلبونا فرجعنا إليه فقلنا ما حالك وما الذي صنعت بنا فنظرنا إليه وقد احمرت عيناه وانتصبت أذناه وانبرم غضبانا حتى كاد أن ينفطر وقام فركبنا واغتفرنا هذه له ومكثنا بعد ذلك حينا ثم دعانا فقال هل لكم في غزوة تهب لكم عزا وتجعل لكم حرزا ويكون في أيديكم كنزا فقلنا ما أحوجنا إلى ذلك فقال اركبوا فركبنا فقلنا ما تقول فقال بنو الحارث بن مسلمة ثم قال قفوا فوقفنا ثم قال عليكم بفهم ثم قال ليس لكم فيهم دم عليكم بمضرهم أرباب خيل ونعم ثم قال لا رهط دريد بن الصمة قليل العدد وفي الذمة ثم قال لا ولكن عليكم بكعب بن ربيعة وأسكنوها ضيعة عامر بن صعصعة فليكن بهم الوقيعة قال فلقيناهم فهزمونا وفضحونا فرجعنا وقلنا ويلك ماذا تصنع بنا قال ما أدري كذبني الذي كان يصدقني أسجنوني في بيتي ثلاثا ثم ائتوني ففعلنا به ذلك ثم أتيناه بعد ثالثة ففتحنا عنه فإذا هو كأنه حجرة نار فقال يا معشر دوس حرست السماء وخرج خير الأنبياء قلنا أين قال بمكة وأنا ميت فادفنوني في رأس جبل فإني سوف أضطرم نارا وإن تركتموني كنت عليكم عارا فإذا رأيتم اضطرامي وتلهبي فاقذفوني بثلاثة أحجار ثم قولوا مع كل حجر بسمك اللهم فإني أهدى وأطفى قال وإنه مات فاشتعل نار ففعلنا به ما أمر وقد قذفناه بثلاثة أحجار نقول مع كل حجر بسمك اللهم فخمد وطفى وأقمنا حتى قدم علينا الحاج فأخبرونا بمبعثك يا رسول الله غريب جدا .
القصة الخامسة " خرج أحمد "
وروى الواقدي عن أبيه عن ابن أبي ذئب عن مسلم بن جندب عن النضر بن سفيان الهذلي عن أبيه قال خرجنا في عير لنا إلى الشام فلما كنا بين الزرقا ومعان قد عرسنا من الليل فإذا بفارس يقول وهو بين السماء والأرض أيها النيام هبوا فليس هذا بحين رقاد قد خرج أحمد فطردت الجن كل مطرد ففزعنا ونحن رفقة حزورة كلهم قد سمع بهذا فرجعنا إلى أهلنا فإذا هم يذكرون اختلافا بمكة بين قريش في نبي قد خرج فيهم من بني عبدالمطلب اسمه أحمد ذكره أبو نعيم .
القصة السادسة " تنكس الصنم "
وقال الخرائطي حدثنا عبدالله بن محمد البلوي بمصر حدثنا عمارة بن زيد حدثني عبدالله بن العلاء حدثني يحيى بن عروة عن أبيه أن نفرا من قريش منهم ورقة بن نوفل بن أسد بن عبد العزى بن قصي وزيد بن عمرو بن نفيل وعبدالله بن جحش بن رئاب وعثمان بن الحويرث كانوا عند صنم لهم يجتمعون إليه قد اتخذوا ذلك اليوم من كل سنة عيدا كانوا يعظمونه وينحرون له الجزور ثم يأكلون ويشربون الخمر ويعكفون عليه فدخلوا عليه في الليل فرأوه مكبوبا على وجهه فأنكروا ذلك فأخذوه فردوه إلى حاله فلم يلبث أن انقلب انقلابا عنيفا فأخذوه فردوه إلى حاله فانقلب الثالثة فلما رأوا ذلك اغتموا له وأعظموا ذلك فقال عثمان بن الحويرث ماله قد أكثر التنكس إن هذا لأمر قد حدث وذلك في الليلة التي ولد فيها رسول الله صلى الله عليه وسلم فجعل عثمان يقول
أيا صنم العيد الذي صف حوله * صناديد وفد من بعيد ومن قرب
تنكست مغلوبا فما ذاك قل لنا * أذاك سفيه أم تنكست للعتب
فإن كان من ذنب أتينا فإننا * نبوء بأقرار ونلوي عن الذنب
وإن كنت مغلوبا ونكست صاغرا * فما أنت في الأوثان بالسيد الرب
قال فأخذوا الصنم فردوه إلى حاله فلما استوى هتف بهم هاتف من الصنم بصوت جهير وهو يقول
تردى لمولود أنارت بنوره * جميع فجاج الأرض في الشرق والغرب
وخرت له الأوثان طرا وأرعدت * قلوب ملوك الأرض طرا من الرعب
ونار جميع الفرس باخت وأظلمت * وقد بات شاه الفرس في أعظم الكرب
وصدت عن الكهان بالغيب جنها * فلا مخبر عنهم بحق ولا كذب
فيا لقصي ارجعوا عن ضلالكم * وهبوا إلى الإسلام والمنزل الرحب
قال فلما سمعوا ذلك خلصوا نجيا فقال بعضهم لبعض تصادقوا وليكتم بعضكم على بعض فقالوا أجل فقال لهم ورقة بن نوفل تعلمون والله ما قومكم على دين ولقد اخطئوا الحجة وتركوا دين ابراهيم ما حجر تطيفون به لا يسمع ولا يبصر ولا ينفع ولا يضر يا قوم التمسوا لأنفسكم الدين قال فخرجوا عند ذلك يضربون في الأرض ويسألون عن الحنيفية دين إبراهيم عليه السلام فأما ورقة بن نوفل فتنصر وقرأ الكتب حتى علم علما وأما عثمان بن الحويرث فسار إلى قيصر فتنصر وحسنت منزلته عنده وأما زيد بن عمرو بن نفيل فأراد الخروج فحبس ثم إنه خرج بعد ذلك فضرب في الأرض حتى بلغ الرقة من أرض الجزيرة فلقي بها راهبا عالما فأخبره بالذي يطلب فقال له الراهب إنك لتطلب دينا ما تجد من يحملك عليه ولكن قد أظلك زمان نبي يخرج من بلدك يبعث بدين الحنيفية فلما قال له ذلك رجع يريد مكة فغارت عليه لخم فقتلوه وأما عبدالله بن جحش فأقام بمكة حتى بعث النبي صلى الله عليه وسلم ثم خرج مع من خرج إلى أرض الحبشة فلما صار بها تنصر وفارق الإسلام فكان بها حتى هلك هنالك نصرانيا .
القصة السابعة " إسلام عباس بن مرداس "
وقد قال الخرائطي حدثنا أحمد بن اسحاق بن صالح أبو بكر الوراق عن ،،، عن العباس بن مرداس أنه كان يعر في لقاح له نصف النهار إذ طلعت عليه نعامة بيضاء عليها راكب عليه ثياب بياض مثل اللبن فقال يا عباس بن مرداس ألم تر أن السماء قد كفت أحراسها وأن الحرب تجرعت أنفاسها وأن الخيل وضعت أحلاسها وأن الذي نزل بالبر والتقوى يوم الإثنين ليلة الثلاثاء صاحب الناقة القصوى.
قال فرجعت مرعوبا قد راعني ما رأيت وسمعت حتى جئت وثنا لنا يدعى الضماد وكنا نعبده ونكلم من جوفه فكنست ما حوله ثم تمسحت به وقبلته فإذا صائح من جوفه يقول:
قل للقبائل من سليم كلها * هلك الضماد وفاز أهل المسجد
هلك الضماد وكان يعبد مرة * قبل الصلاة مع النبي محمد
إن الذي ورث النبوة والهدى * بعد ابن مريم من قريش مهتد
قال فخرجت مرعوبا حتى أتيت قومي فقصصت عليهم القصة وأخبرتهم الخبر وخرجت في ثلاثمائة من قومي بني حارثة إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو بالمدينة فدخلنا المسجد فلما رآني رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لي يا عباس كيف كان اسلامك فقصصت عليه القصة قال فسر بذلك وأسلمت أنا وقومي ورواه الحافظ أبو نعيم في الدلائل من حديث أبي بكر بن أبي عاصم عن عمرو بن عثمان به ثم رواه أيضا من طريق الأصمعي حدثني الوصافي عن منصور بن المعتمر عن قبيصة بن عمرو بن اسحاق الخزاعي عن العباس بن مرداس السلمي قال أول اسلامي أن مرداسا أبى لما حضرته الوفاة أوصاني بصنم له يقال ضماذ فجعلته في بيت وجعلت آتيه كل يوم مرة فلما ظهر النبي صلى الله عليه وسلم سمعت صوتا مرسلا في جوف الليل راعني فوثبت إلى ضماد مستغيثا وإذا بالصوت من جوفه وهو يقول:
قل للقبيلة من سليم كلها * هلك الأنيس وعاش أهل المسجد
أودى ضماد وكان يعبد مرة * قبل الكتاب إلى النبي محمد
إن الذي ورث النبوة والهدى * بعد ابن مريم من قريش مهتد
قال فكتمته الناس فلما رجع الناس من الأحزاب بينا أنا في ابلي بطرف العقيق من ذات عرق راقدا سمعت صوتا وإذا برجل على جناح نعامة وهو يقول النور الذي وقع ليلة الثلاثاء مع صاحب الناقة العضباء في ديار اخوان بني العنقاء فأجابه هاتف من شماله وهو يقول:
بشر الجن وابلاسها * إن وضعت المطي أحلاسها
وكلأت السماء أحراسها
قال فوثبت مذعورا وعلمت أن محمدا مرسل فركبت فرسي واحتثثت السير حتى انتهيت إليه فبايعته ثم انصرفت إلى ضماد فأحرقته بالنار ثم رجعت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فأنشدته شعرا أقول فيه:
لعمرك أني يوم أجعل جاهلا * ضمادا لرب العالمين مشاركا
وتركي رسول الله والأوس حوله * أولئك أنصار له ما أولئكا
كتارك سهل الأرض والحزن يبتغي * ليسلك في وعث الأمور المسالكا
فآمنت بالله الذي أنا عبده * وخالفت من أمسى يريد المهالكا
ووجهت وجهي نحو مكة قاصدا * أبايع نبي الأكرمين المباركا
نبي أتانا بعد عيسى بناطق * من الحق فيه الفصل فيه كذلكا
أمين على القرآن أول شافع * وأول مبعوث يجيب الملائكا
تلافى عرى الإسلام بعد انتقاضها * فأحكمها حتى أقام المناسكا
عنيتك يا خير البرية كلها * توسطت في الفرعين والمجد مالكا
وأنت المصفى من قريش إذا سمت * على ضمرها تبقى القرون المباركا
إذا انتسب الحيان كعب ومالك * وجدناك محضا والنساء العواركا
القصة الثامنة " سبب اسلام رجال من خثعم "
قال الخرائطي وحدثنا عبدالله بن محمد البلوي بمصر حدثنا عمارة بن زيد حدثنا اسحاق بن بشر وسلمة بن الفضل عن محمد بن اسحاق حدثني شيخ من الأنصار يقال له عبدالله بن محمود من آل محمد بن مسلمة قال بلغني أن رجالا من خثعم كانوا يقولون ان مما دعانا إلى الإسلام انا كنا قوما نعبد الأوثان فبينا نحن ذات يوم عند وثن لنا إذ أقبل نفر يتقاضون إليه يرجون الفرج من عنده لشيء شجر بينهم إذ هتف بهم هاتف يقول
يا أيها الناس ذوو الأجسام * من بين أشياخ إلى غلام
ما أنتم وطائش الأحلام * ومسند الحكم إلى الأصنام
أكلكم في حيرة نيام * أم لا ترون ما الذي أمامي
من ساطع يجلو دجى الظلام * قد لاح للناظر من تهام
ذاك نبي سيد الأنام * قد جاء بعد الكفر بالإسلام
أكرمه الرحمن من إمام * ومن رسول صادق الكلام
أعدل ذي حكم من الأحكام * يأمر بالصلاة والصيام
والبر والصلات للأرحام * ويزجر الناس عن الآثام
والرجس والأوثان والحرام * من هاشم في ذروة السنام
مستعلنا في البلد الحرا
قال فلما سمعنا ذلك تفرقنا عنه وآتينا النبي صلى الله عليه وسلم فأسلمنا
القصة التاسعة " دعموص العرب "
وقال الخرائطي حدثنا عبدالله البلوي حدثنا عمارة حدثني عبيدالله بن العلاء حدثنا محمد بن عكبر عن سعيد بن جبير أن رجلا من بني تميم يقال له رافع بن عمير وكان أهدى الناس للطريق وأسراهم بليل وأهجمهم على هول وكانت العرب تسميه لذلك دعموص العرب لهدايته وجراوته على السير فذكر عن بدء إسلامه قال إني لأسير برمل عالج ذات ليلة إذ غلبني النوم فنزلت عن راحلتي ونختها وتوسدت ذراعها ونمت وقد تعوذت قبل نومي فقلت أعوذ بعظيم هذا الوادي من الجن من أن أوذى أو أهاج فرأيت في منامي رجلا شابا يرصد ناقتي وبيده حربة يريد أن يضعها في نحرها فانتبهت لذلك فزعا فنظرت يمينا وشمالا فلم أر شيئا فقلت هذا حلم ثم عدت فغفوت فرأيت في منامي مثل رؤياي الأولى فانتبهت فدرت حول ناقتي فلم أر شيئا وإذا ناقتي ترعد ثم غفوت فرأيت مثل ذلك فانتبهت فرأيت ناقتي تضطرب والتفت فإذا أنا برجل شاب كالذي رأيت في المنام بيده حربة ورجل شيخ ممسك بيده يرده عنها وهو يقول
يا مالك بن مهلهل بن دثار * مهلا فدى لك مئزري وإزاري
عن ناقة الأنسي لا تعرض لها * واختر بها ما شئت من أثواري
ولقد بدا لي منك ما لم أحتسب * ألا رعيت قرابتي وذماري
تسمو إليه بحربة مسمومة * تبا لفعلك يا أبا الغفار
لولا الحياء وأن أهلك جيرة * لعلمت ما كشفت من أخباري
قال فأجابه الشاب وهو يقول
أأردت أن تعلو وتخفض ذكرنا *في غير مزرية أبا العيزار
ما كان فيهم سيد فيما مضى * إن الخيار همو بنو الأخيار
فاقصد لقصدك يا معكبر إنما * كان المجير مهلهل بن دثار
قال فبينما هما يتنازعان إذ طلعت ثلاثة أثوار من الوحش فقال الشيخ للفتى قم يا ابن أخت فخذ أيها شئت فداء لناقة جاري الأنسي فقام الفتى فأخذ منها ثورا وانصرف ثم التفت إلى الشيخ فقال يا هذا إذا نزلت واديا من الأودية فخفت هوله فقل أعوذ بالله رب محمد من هول هذا الوادي ولا تعذ بأحد من الجن فقد بطل أمرها قال فقلت له ومن محمد هذا قال نبي عرب لا شرقي ولا غربي بعث يوم الإثنين قلت وأين مسكنه قال يثرب ذات النخل قال فركبت راحلتي حين برق لي الصبح وجددت السير حتى تقحمت المدينة فرآني رسول الله صلى الله عليه وسلم فحدثني بحديث قبل أن أذكر له منه شيئا ودعاني إلى الاسلام فأسلمت قال سعيد بن جبير وكنا نرى أنه هو الذي أنزل الله فيه وإنه كان رجال من الإنس يعوذون برجال من الجن فزادوهم رهقا وروى الخرائطي من طريق ابراهيم بن اسماعيل بن حماد بن أبي حنيفة عن داود بن الحسين عن عكرمة عن ابن عباس عن علي قال إذا كنت بواد تخاف السبع فقل أعوذ بدانيال والجب من شر الأسد وروى البلوى عن عمارة بن زيد عن ابراهيم بن سعد عن محمد بن اسحاق حدثني يحيى بن عبدالله بن الحارث عن أبيه عن ابن عباس قصة قتال علي الجن بالبئر ذات العلم
التي بالجحفة حين بعثه رسول الله صلى الله عليه وسلم يستقي لهم الماء فأرادوا منعه وقطعوا الدلو فنزل إليهم وهي قصة مطولة منكرة جدا والله أعلم
القصة العشرة " عمرو بن معد يكرب "
وقال الخرائطي حدثني أبو الحارث محمد بن مصعب الدمشقي وغيره حدثنا سليمان بن بنت شرحبيل الدمشقي حدثنا عبدالقدوس بن الحجاج حدثنا خالد بن سعيد عن الشعبي عن رجل قال كنت في مجلس عمر بن الخطاب وعنده جماعة من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم يتذاكرون فضائل القرآن فقال بعضهم خواتيم سورة النحل وقال بعضهم سورة يس وقال علي فأين أنتم عن فضيلة آية الكرسي أما إنها سبعون كلمة في كل كلمة بركة قال وفي القوم عمرو بن معدي كرب لا يحير جوابا فقال أين أنتم عن بسم الله الرحمن الرحيم فقال عمر حدثنا يا أبا ثور قال بينا أنا في الجاهلية إذ جهدني الجوع فأقحمت فرسي في البرية فما أصبت الا بيض النعام فبينا أنا أسير إذا أنا بشيخ عربي في خيمة وإلى جانبه جارية كأنها شمس طالعة ومعه غنيمات له فقلت له استأسر ثكلتك أمك فرفع رأسه إلي وقال يا فتى إن أردت قرى فانزل وإن أردت معونة اعناك فقلت له أستأسر فقال
عرضنا عليك النزل منا تكرما * فلم ترعوي جهلا كفعل الأشائم
وجئت ببهتان وزور ودون ما * تمنيته بالبيض حز الغلاصم
قال ووثب إلي وثبة وهو يقول بسم الرحمن الرحمن الرحيم فكأني مثلت تحته ثم قال اقتلك أم أخلي عنك قلت بل خل عني قال فخلى عني ثم إن نفسي جاذبتني بالمعاودة فقلت استأسر ثكلتك أمك فقال
ببسم الله والرحمن فزنا * هنالك والرحيم به قهرنا
وما تغني جلادة ذي حفاظ * إذا يوما لمعركة برزنا
ثم وثب لي وثبة كأني مثلت تحته فقال أقتلك أم أخلي عنك قال قلت بل خل عني فخلى عني فانطلقت غير بعيد ثم قلت في نفسي يا عمرو أيقهرك هذا الشيخ والله للموت خير لك من الحياة فرجعت إليه فقلت له استأسر ثكلتك أمك فوثب إلي وثبة وهو يقول بسم الله الرحمن الرحيم فكأني مثلت تحته فقال أقتلك أم أخلي عنك قلت بل خل عني فقال هيهات يا جارية إئتني بالمدية فأتته بالمدية فجز ناصيتي وكانت العرب إذا ظفرت برجل فجزت ناصيته استعبدته فكنت معه أخدمه مدة ثم إنه قال يا عمرو أريد أن تركب معي البرية وليس بي منك وجل فإني ببسم الله الرحمن الرحيم لواثق قال فسرنا حتى أتينا واديا أشبا مهولا مغولا فنادى بأعلى صوته بسم الله الرحمن الرحيم فلم يبق طير في وكره إلا طار ثم أعاد القول فلم يبق سبع في مربضه إلا هرب ثم أعاد الصوت فإذا نحن بحبشي قد خرج علينا من الوادي كالنخلة السحوق فقال لي ياعمرو إذ رأيتنا قد اتحدنا فقل غلبه صاحبي بسم الله الرحمن الرحيم قال فلما رأيتهما قد اتحدا قلت غلبه صاحبي باللات والعزى فلم يصنع الشيخ شيئا فرجع إلي وقال قد علمت أنك قد خالفت قولي قلت أجل ولست بعائد فقال إذا رأيتنا قد اتحدنا فقل غلبه صاحبي ببسم الله الرحمن الرحيم فقلت أجل فلما رأيتهما قد اتحدا قلت غلبه صاحبي ببسم الله الرحمن الرحيم فاتكأ عليه الشيخ فبعجه بسيفه فاشتق بطنه فاستخرج منه شيئا كهيئة القنديل الأسود ثم قال يا عمرو هذا غشه وغله ثم قال أتدري من تلك الجارية قلت لا قال تلك الفارعة بنت السليل الجرهمي من خيار الجن وهؤلاء أهلها بنو عمها يغزونني منهم كل عام رجل ينصرني الله عليه ببسم الله الرحمن الرحيم ثم قال قد رأيت ما كان مني إلى الحبشي وقد غلب علي الجوع فائتني بشيء آكله فأقحمت بفرسي البرية فما أصبت الا بيض النعام فأتيته به فوجدته نائما وإذا تحت رأسه شيء كهيئة الحشبة فاستللته فإذا هو سيف عرضه شبر في سبعةأشبار فضربت ساقيه ضربة أبنت الساقين مع القدمين فاستوى على قفا ظهره وهو يقول قاتلك الله ما أغدرك يا غدار قال عمر ثم ماذا صنعت قلت فلم أزل أضربه بسيفي حتى قطعته إربا إربا قال فوجم لذلك ثم أنشأ يقول
بالغدر نلت أخا الإسلام عن كثب * ما إن سمعت كذا في سالف العرب
والعجم تأنف مما جئته كرما * تبا لما جئته في السيد الأرب
إني لأعجب أني نلت قتلته * أم كيف جازاك عند الذنب لم تنب
قرم عفا عنك مرات وقد علقت * بالجسم منك يداه موضع العطب
لو كنت آخذ في الإسلام ما فعلوا * في الجاهلية أهل الشرك والصلب
إذا لنالتك من عدلي مشطبة * تدعو لذائقها بالويل والحرب
قال ثم ما كان من حال الجارية قلت ثم إني أتيت الجارية فلما رأتني قالت ما فعل الشيخ قلت قتله الحبشي فقالت كذبت بل قتلته أنت بغدرك ثم أنشأت تقول
يا عين جودي للفارس المغوار * ثم جودي بواكفات غزار
لا تملي البكاء إذ خانك الدهر * بواف حقيقة صبار
وتقي وذي وقار وحلم * وعديل الفخار يوم الفخار
لهف نفسي على بقائك عمرو * أسلمتك الأعمار للأقدار
ولعمري لو لم ترمه بغدر * رمت ليثا كصارم بتار
قال فأحفظني قولها فاستللت سيفي ودخلت الخيمة لأقتلها فلم أر في الخيمة أحدا فاستقت الماشية وجئت إلى أهلي وهذا أثر عجيب والظاهر أن الشيخ كان من الجان وكان ممن أسلم وتعلم القرآن وفيما تعلمه بسم الله الرحمن الرحيم وكان يتعوذ بها .
القصة الحادية عشر " النجاشي وورقة بن نوفل "
وقال الخرائطي حدثنا عبدالله بن محمد البلوى حدثنا عمارة بن زيد قال حدثني عبدالله بن العلاء عن هشام بن عروة عن أبيه عن جدته أسماء بنت أبي بكر قالت كان زيد بن عمرو بن نفيل وورقة بن نوفل يذكران أنهما أتيا النجاشي بعد رجوع أبرهة من مكة قالا فلما دخلنا عليه قال لنا أصدقاني أيها القرشيان هل ولد فيكم مولود أراد أبوه ذبحه فضرب عليه بالقداح فسلم ونحرت عنه ابل كثيرة قلنا نعم قال فهل لكما علم به ما فعل قلنا تزوج امرأة يقال لها آمنة بنت وهب تركها حاملا وخرج قال فهل تعلمان ولد أم لا قال ورقة بن نوفل أخبرك أيها الملك أني ليلة قد بت عند وثن لنا كنا نطيف به ونعبده إذ سمعت من جوفه هاتفا يقول
ولد النبي فذلت الأملاك * ونأى الضلال وأدبر الإشراك
ثم انتكس الصنم على وجهه فقال زيد بن عمرو بن نفيل عندي كخبره أيها الملك قال هات قال أنا في مثل هذه الليلة التي ذكر فيها حديثه خرجت من عند أهلي وهم يذكرون حمل آمنة حتى أتيت جبل أبي قبيس أريد الخلو فيه لأمر رابني إذ رأيت رجلا نزل من السماء له جناحان أخضران فوقف على أبي قبيس ثم أشرف على مكة فقال ذل الشيطان وبطلت الأوثان ولد الأمين ثم نشر ثوبا معه وأهوى به نحو المشرق والمغرب فرأيته قد جلل ما تحت السماء وسطع نور كاد أن يختطف بصري وهالني ما رأيت وخفق الهاتف بجناحيه حتى سقط على الكعبة فسطع له نور أشرقت له تهامة وقال ذكت الأرض وأدت ربيعها وأومأ إلى الأصنام التي كانت على الكعبة فسقطت كلها قال النجاشي ويحكما أخبركما عما أصابني إني لنائم في الليلة التي ذكرتما في قبة وقت خلوتي إذ خرج علي من الأرض عنق ورأس وهو يقول حل الويل بأصحاب الفيل رمتهم طير أبابيل بحجارة من سجيل هلك الأشرم المعتدي المجرم وولد النبي الأمي المكي الحرمي من أجابه سعد ومن أباه عتد ثم دخل الأرض فغاب فذهبت أصيح فلم أطق الكلام ورمت القيام فلم أطق القيام فصرعت القبة بيدي فسمع بذلك أهلي فجاؤني فقلت أحجبوا عني الحبشة فحجبوهم عني ثم أطلق عن لساني ورجلي.
وسيأتي إن شاء الله تعالى في قصة المولد رؤيا كسرى في سقوط أربع عشرة شرافة من إيوانه وخمود نيرانه ورؤيا موئذانه وتفسير سطيح لذلك على يدي عبد المسيح.
القصة الحادية عشر " بني هند وهاتف الجن "
وروى الحافظ أبو القاسم بن عساكر في تاريخه في ترجمة الحارث بن هانىء بن المدلج بن المقداد بن زمل بن عمرو العذري عن أبيه عن جده عن أبيه عن زمل بن عمرو العذري قال كان لبني عذرة صنم يقال له حمام وكانوا يعظمونه وكان في بني هند بن حرام بن ضبة بن عبد بن كثير بن عذرة وكان سادنه رجلا يقال له طارق وكانوا يعترون عنده فلما ظهر رسول الله صلى الله عليه وسلم سمعنا صوتا يقول يا بني هند بن حرام ظهر الحق وأودى صمام ودفع الشرك الإسلام قال ففزعنا لذلك وهالنا فمكثنا أياما ثم سمعنا صوتا وهو يقول يا طارق يا طارق بعث النبي الصادق بوحي ناطق صدع صادع بأرض تهامة لناصريه السلامة ولخاذليه الندامة هذا الوداع مني إلى يوم القيامة قال زمل فوقع الصنم لوجهه قال فابتعت راحلة ورحلت حتى أتيت النبي صلى الله عليه وسلم مع نفر من قومي وأنشدته شعرا قلته
إليك رسول الله أعملت نصها * وكلفتها حزنا وغورا من الرمل
لأنصر خير الناس نصرا مؤزرا * وأعقد حبلا من حبالك في حبلي
وأشهد أن الله لا شيء غيره * أدين به ما أثقلت قدمي نعلي
قال فأسلمت وبايعته وأخبرناه بما سمعنا فقال ذاك من كلام الجن ثم قال يا معشر العرب إني رسول الله إليكم وإلى الأنام كافة أدعوهم إلى عبادة الله وحده وإني رسوله وعبده وأن تحجوا البيت وتصوموا شهرا من إثني عشر شهرا وهو شهر رمضان فمن أجابني فله الجنة نزلا ومن عصاني كانت النار له منقلبا قال فأسلمنا وعقد لنا لواء وكتب لنا كتابا نسخته بسم الله الرحمن الرحيم من محمد رسول الله لزمل بن عمرو ومن أسلم معه خاصة إني بعثته إلى قومه عامدا فمن أسلم ففي حزب